الأحد، 11 نوفمبر 2012

تطبيقات رقمية لتنبيه الأطباء لظهور مشكلات جديدة لدى المصابين بأمراض مزمنة

التوصية بهذا على Google

حلول العصر الرقمي

* الآن، بدأ يظهر إلى النور حل ينتمي إلى العصر الرقمي، فعندما يختفي المرضى قد تتصل هواتفهم الجوالة بالطبيب بالنيابة عنهم، حيث تستخدم الهواتف تطبيقا يتابع كم مرة يقومون بإرسال الرسائل النصية وإجراء المكالمات، وكم مرة يتحركون، وإلى أين يذهبون، وإذا حدث أي خروج عن عاداتهم وأنماطهم الثابتة بطريقة توحي بأنهم قد اختفوا، يقوم التطبيق بتنبيه الطبيب أو أي مسؤول رعاية صحية آخر لتحري ما حدث.

وقد بدأت حفنة من المستشفيات والمراكز الطبية مؤخرا في اختبار واستخدام هذه التقنية، ويأتي الدعم المالي لهذه التطورات الرقمية من المجموعات الطبية والجيش الأميركي وشركات التأمين. ويعتمد هذا المنهج الجديد على تقنية أصبحت متوافرة بشكل متزايد في جميع الهواتف الذكية، وهي تقنية أنظمة تحديد المواقع العالمية وأجهزة قياس التسارع التي يمكنها تتبع الموقع والحركة. ويقول مايكل سيد، وهو أستاذ طب أطفال في المركز الطبي التابع لمستشفى «كينكيناتي» للأطفال: «إنه بمثابة نظام إنذار مبكر إنساني محتمل، أو مصباح عطل المحرك بالنسبة للجسم». 

رصد تغيرات السلوك

* ومنذ العام الماضي، قام 15 مريضا يعانون مشكلة مزمنة في المعدة والأمعاء بحمل هذه الهواتف لاختبار فعالية هذه البرمجية، وتبين النتيجة التي ظهرت حتى الآن أن بعض المرضى يغيرون بوضوح من أنماط اتصالاتهم وحركتهم خلال الأيام السابقة لبداية ظهور أعراض حادة. ويقول سيد: «عندما يزداد إحساسك بالألم، فإنك في الغالب لا تكون متجولا في الحديقة أو المركز التجاري. قد يكون هذا مؤشرا مبكرا يدل على حدوث تهيج أو تفاقم في المرض. هذه التقنية تقيس السلوك الاجتماعي بمدى وعمق لم يكونا موجودين لديك من قبل».

وما زالت هذه البرمجية قيد الاختبار والدراسة للتحقق من مدى فعاليتها، إلا أن الخبراء والباحثين في مجال الصحة العقلية يقولون إنها مبشرة للغاية، ليس في اكتشاف تفاقم الحالات فحسب، بل أيضا في تحديد التغيرات السلوكية التي توحي بأن أحدهم توقف عن تناول الدواء أو يحتاج إلى تغيير في الجرعة. ويقول آدم كابلين، وهو أستاذ علم نفس وأعصاب في مستشفى «جونز هوبكنز»: «من الممكن أن توفر أداة جديدة هامة في مجموعة أدوات فارغة إلى حد بعيد. لدي مخاوف لكنني أقول بكل ثقة إنهم تعرفوا بالضبط على الحاجة إلى اللحاق بهؤلاء الناس قبل أن تسوء حالتهم».

ومن بين مخاوف كابلين مسألة ما إذا كانت هذه الأنظمة ترسل تنبيهات بأن الناس ربما يكونون مرضى بينما لا يكونون كذلك، مثل من لا يعانون اكتئابا أو لا يشعرون بألم لكنهم فقط يأخذون فترة من الراحة، أو ربما يكون ذلك بسبب الأنفلونزا. فإذا كان الأمر كذلك، فهل سيزيد هذا من التكاليف بدلا من تخفيفها؟ ويضيف أيضا أن المرضى قد يخشون من تعرضهم لمراقبة مبالغ فيها، متسائلا: «متى تتحول البيانات الكبيرة إلى الأخ الكبير – أي الرقيب الخارجي؟». وتقول الشركات والباحثون الذين يقفون وراء هذه التقنية إنهم متنبهون إلى المخاوف المتعلقة بالخصوصية، إلا أنهم يشيرون إلى أن المرضى يجب أن يؤكدوا موافقتهم عليها، وأن المعلومات لا يتم إرسالها سوى إلى العاملين في المجال الصحي أو إلى أفراد معينين من الأسرة، كما يقولون أيضا إنه من السابق لأوانه تقييم التأثير الذي ستحدثه على الأطباء وكيفية عملهم مع المرضى. 



دراسة البيانات الصحية

* وتعتبر هذه التقنية جزءا من مجال غالبا ما يشار إليه باسم «البيانات الكبيرة» (big data) التي تلتقط وتتغلغل عبر كميات هائلة من البيانات من أجل فهم السلوك والتنبؤ به بصورة أفضل، مثل أنماط الشراء وحركات البورصة والظروف التي قد تؤدي إلى صراع عسكري. وفي المجال الصحي، يجرب الباحثون داخل المختبرات المنتشرة في أنحاء البلاد مجموعة كبيرة من تقنيات البيانات الكبيرة، ومن بينها طرق لتحسين تقييم سلوكيات المرضى وقياس مدى فعالية العقاقير.

ومن المراكز البحثية الرائدة في هذا المجال مختبر «إم آي تي ميديا لاب»، الذي يتولى فيه ألكس بينتلاند، وهو أستاذ في الديناميكيات البشرية، الإشراف على برنامج المشروعات التجارية، وهو يقول إن فكرة جمع حركات المرضى واتصالاتهم قد تمنح الأطباء أدلة على السلوك أكثر دقة من الاعتماد على ذاكرة المرضى أو اجتهادهم في وصف المشكلات التي يعانونها. ويقول عن التقييم الذاتي للمريض: «البشر ليسوا سيئين في هذا فحسب، بل إنهم فظيعون في هذا، وهم متحيزون بطرق كثيرة». أما البيانات التي يتم الحصول عليها عن طريق الهواتف فهي «نظرة أمينة وصادقة على ما نفعله».

ويؤكد بينتلاند أنه ينبغي تنقيح هذه البيانات وفهمها بصورة جيدة حتى لا تتحول إلى معلومات مضللة عندما يقوم شخص ما بالانسحاب، مضيفا: «ربما يكون الشخص مقبلا على قتل نفسه أو حتى كتابة رواية أميركية كلاسيكية».

وتعتبر شركة «جينجر آي أو» إحدى الشركات التي لها علاقات قوية بمختبر «إم آي تي ميديا لاب»، والتي تقوم بتوفير التكنولوجيا المستخدمة في مستشفى «كينكيناتي» للأطفال، فضلا عن المشروعات الكبرى التي من المقرر أن تبدأ في الشهر الجاري في بعض مستشفيات ولاية نورث كارولينا، والتي تعد جزءا من شركة «نوفات هيلث»، وهي إحدى أكبر شركات الرعاية الصحية في البلاد.

ويقول ماثيو غيمير، مدير الابتكارات في شركة «نوفات هيلث»، إنه يريد معرفة مدى النجاح الذي تحققه هذه التكنولوجيا في تنبيه موظفي الرعاية الصحية بالتغيرات السلوكية المحتمل حدوثها لآلاف المرضى المصابين بأمراض مختلفة، بما في ذلك السكري والآلام المزمنة وأمراض القلب. ويضيف غيمير: «الحقيقة أنه خلال مسيرة الحياة، يمكن التنبؤ إلى حد كبير بالنمط الذي سينتهجه الشخص في القيام بأمر ما وطريقة القيام بذلك. وإذا تم كسر هذا النمط بطريقة غير معلنة، فمن الممكن أن يكون هناك أمر ما خاطئ».

رصد الانعزال والهوس

* وبدأت شركة «كوغيتو»، التي ترتبط بعلاقات مع مختبر «إم آي تي ميديا لاب»، في إجراء اختبار واسع النطاق على التكنولوجيا المستخدمة في نظام الرعاية الصحية في مدينة بوسطن بولاية فرجينيا، الذي يتبع «إدارة شؤون المحاربين القدامى» المدعومة من قبل وزارة الدفاع و«رايثيون»، أحد المتعاقدين العسكريين. ويقول جوشوا فيست مؤسس شركة «كوغيتو» إن هذا الاختبار يهدف إلى قياس ما إذا كان الجندي سيتعرض لاضطراب كرب ما بعد الصدمة أم لا من خلال تحديد فترات الانسحاب أو الهوس. ويؤكد فيست أن التركيز الأكبر لهذا البحث ينصب على تحديد التدابير التي كانت أكثر فعالية في معرفة والتنبؤ بأمراض مثل الاكتئاب.

وتعمل ديبورا إيسترن، وهي أستاذة علوم كومبيوتر في «جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس»، على تجربة صغيرة مع المرضى المصابين بآلام مزمنة في «جامعة كاليفورنيا بديفيز» لمعرفة ما إذا كانت البيانات المستقاة من الهواتف الجوالة للمرضى يمكنها أن تظهر إصابتهم المفاجئة بقلة الحركة، وهي إشارة محتملة للإصابة بآلام شديدة، أو حتى ما إذا كان بعضهم لا يتناولون العقاقير الخاصة بهم. وتؤكد إيسترن أن الأبحاث الأولية المبشرة تشير إلى عدد من الاحتمالات، مثل العقاقير التي يتم إضفاء الطابع الشخصي عليها بصورة كبيرة، والتي تعتمد على التقييمات الخاصة بالأنماط والسلوكيات الفردية، وهذا الأمر يمكن الأطباء من فهم كيفية تأثير دواء أو عقار أو جرعة معينة على أحد المرضى بصورة أفضل. وتختم إيسترن: «أنا متحمسة للغاية، ولكن هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به»، مضيفة: «لو كانت الصحة أمرا سهلا، لما عانينا المرض». 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More